مقالات غريسيليكس وسياسة الشيطان الاخرس
فريدي عبد الرحمان
مع انتشار الانترنيت و الصحافة الالكترونية , تقلص هامش الرقابة على الكلام المباح , و اتسعت رقعة حرية التعبير في العهد الجديد الى درجة اصبحت فيه الكتابة الالكترونية منا فسا شرسا للصحافة المكتوبة , و خاصة الحزبية منها , والتي افقدها انتقال احزابها الى دواليب التسيير الحكومي الكثير من حرارتها و قرائها و مبيعاتها. و ظهر جيل جديد من الصحفيين يمكنهم ممارسة حقهم في الكلام, المكفول دستوريا لكل مواطن , دون الحصول على دبلوم من المعهد العالي للصحافة . و بذلك اصبحت الهيمنة التي كانت تمارسها الصحافة الحزبية على سوق تداول الاخبار و الافكار و التعتيم على الحقائق, الذي تفنن فيه البعض, جزءا من الماضي . فاللغة السائدة في سوق الصحافة ساكتة عن الرقابة التي تمارسها الاحزاب على صحفها و صحفييها , في حين يتم التركيز على مشاكل الصحافة المستقلة لاغراض في نفس يعقوب و كان الرقابة الحزبية على الصحف ليست انتهاكا لحرية التعبير و بذلك نقول اتأمرون الدولة بالبر و تنسون انفسكم .
و قبل ظهور الصحافة الالكترونية المحلية, كان من الناذر ان تجد مقالا في صحيفة حزبية يتحدث عن مشاكل واحة غريس لاسباب مرتبطة بدخول تلك الاحزاب الى الحكومة و تسييرها لقطاعات وزارية لها علاقة مباشرة بالمواطنين , الشيء الذي ادى بمراسلي تلك الصحف الى الاستفادة من المغادرة الطوعية من الكتابة السياسية . مساهمة بعض الاقلام في الصحافة الالكترونية المحلية انما املاه المساهمة في ملا الفراغ , الذي تخشاه الطبيعة , على مستوى التغطية الصحفية لمشاكل التنمية المحلية , الذي تركه عدم قيام الاحزاب السياسية المحلية , سواء التي تسير الحكومة او التي توجد في المعارضة , بادوارها في اثارة انتباه المسؤولين حول مجموعة من المشاكل التي يعاني منها المواطنون و المساهمة في حلها في اطاردور الصحافة كشريك في تدبير المجال العام.
كذلك املاه الواجب الديني و الوطني في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر بالكتابة و القلم تاركين للدولة و اجهزتها مسؤولية النهي عن المنكر باليد لانها هي المسؤولة عن تطبيق القانون . اما الدين ينهون عن المنكر بقلوبهم فاننا نطلب منهم , رحمة بواحة غريس , ان لم تكن قلوبهم معها الا تكون سيوفيهم مع معاوية و ذلك اضعف الايمان .
في هذا السياق نحن واعون بان جهات , ليس في مصلحتها ان تسير الامور بشكل شفاف و نزيه , منزعجة مما ينشر في موقع غريسيليكس(1) من اخبار و مقالات و شكايات و تساؤلات, تكشف او تحاول الكشف عن بعض الحقائق المرتبطة بالشان العام يراد لها ان تبقى حبيسة الجدران و الوثائق السرية التي لا يحق الاطلاع عليها الا لمفتشي وزارة الداخلية او ضباط الشرطة القضائية او قضاة المجلس الجهوي للحسابات .
لكن فليطمئنوا فموقع غريسيليكس لا يمكنه ان يحصل على تلك الوثائق السرية لنشرها كما حصل عليها موقع ويكيليكس لاننا لسنا في مستوى اسانج , صاحب الموقع , و لا علاقاته العنكبوتية التي تصل خيوطها الى الموساد الاسرائيلي . نحن مواطنون نحمل في قلوبنا حبا لهذا الوطن , و حب الاوطان من الايمان كما ذكرنا خطيب الجمعة و الذكرى تنفع الناسين ,و منخرطون حتى النخاع في مسلسل الاصلاح الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله , و لا يمكن لاي احد ان يشتري , في سوق السياسة بين المغفل و الشاطر,صمتنا او تواطئنا لان ذلك يعتبر جريمة في حق هذا الوطن الذي نطلب من الله ان يقيه شر الفتن ما ظهر منها و ما بطن وان يقيه شر الصامتين و المتواطئين و الناسين لواجباتهم تجاه هذا الوطن .
الم يقل الرسول صلى الله عليه و سلم الفتنة نائمة لعن الله موقظها و بذلك الا يعتبر الصمت و التواطئ و النسيان من اسباب ايقاظها ؟الم يقل كذلك الساكت عن الحق شيطان اخرس و ان الاثم ما حاك في صدرك و كرهت ان يطلع عليه الناس ؟ هل يمكن ان نبني المغرب الحداثي الديمقراطي بالصمت و اللامبالاة ؟
اذن بعد نهاية الاطماع الجمهورية بالمغرب وبروز العهد الجديد , عهد الاجماع حول الملكية الدستورية , لم يبقى بالمغرب الا حزبان , حزب المنخرطين في الورش الملكي لمحاربة الفساد المكون من الشباب ضحية غياب المنهجية الديمقراطية داخل الاحزاب السياسية ,و حزب المدافعين عن مصالحهم , و لو على حساب مصلحة الوطن ,و الذين ما زالوا يتحدثون باسم الشرعية التاريخية و الوطنية , كشرعيات تنتمي الى زمن محاربة الاستعمار,في الوقت الذي نرى فيه من حولنا شعوبا تثور ضد احزاب تحكم بنفس الشرعيات .
كذلك فان على حزب المصباح, اكبر الساكتين , ان يعرف ان الشرعية الدينية و الاخلاقية ليست ضمانة ضد الفساد السياسي وان الاستقامة الاخلاقية لمنتخبيه ليست ضمانة ايضا ضد الوقوع في المحظور لان الملائكة لا تحلق في سماء السياسة و ما وقع ببلدية ميدلت ليس عنا ببعيد .
1. المقصود هو موقع غريس www.ghrissvalley.com