المدرسة العمومية بين الإضراب و حق التعلم

Publié le par abderahman

عبد الرحمان فريدي  

 

أمام كثرة العطل التي تخترق النظام التعليمي  , أصبحت السنة الدراسية عبارة عن عطلة تتخللها فترات دراسية. و يزداد الوضع قتامة عندما نضيف للعطل الإضرابات المتتالية التي تعرفها المؤسسات التعليمية , ناهيك عن البدعة التي شهدها الموسم الدراسي الحالي و هي تنظيم دورات تكوينية, تحولت إلى عطلة مقنعة للتلاميذ على حساب حقهم  في التعلم .

                                                                                                                                 و حتى لا يتهمنا احد بمحاولة مصادرة حقه في الاحتجاج فانا نؤكد على أن الإضراب حق يضمنه الدستور و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تمنع كذلك أن يؤدي ممارسة حق إلى انتهاك حق آخر . فالتجربة أثبتت أن ممارسة حق الإضراب في المؤسسات التعليمية ينتج عنه انتهاك لحق التلاميذ في التعلم و بالتالي أصبحت العملية التعليمية تعيش إشكالا قانونيا و حقوقيا يتعلق بكيفية الجمع بين الحق في الإضراب و الحق في التعلم ؟ و إذا كانت المقولة المشهورة لفولتير تقول قد أخالفك الرأي لكنني مستعد للدفاع عن حقك في الدفاع عن رأيك فإننا قياسا على ذلك نقول متى تستعد النقابات للدفاع عن حق التلاميذ في التعلم بنفس الكيفية التي تدافع فيها عن حقوق منخر طيها على أساس أن الأمر يتعلق بتلاميذ الفئات الشعبية  ؟

 

و إذا كانت وزارة التعليم هي المسؤولة عن الوضعية التي تسبب الإضرابات في المؤسسات التعليمية فإنها هي كذلك المسؤولة عن ضمان حق التلاميذ في التعلم , و بالتالي فهي المسؤولة عن ما يتعرض له هذا الحق من انتهاك . لكن أين هي مسؤولية جمعيات أباء و أمهات التلاميذ في المشاكل التي تعرفها المؤسسات التعليمية ؟ لماذا تلتزم هاته الجمعيات الصمت و كأنها غير معنية بما يجري في الوقت الذي لا نعرف من أنشطتها إلا استخلاص واجب الانخراط  ؟ ما هو دور هاته الجمعيات في إثارة انتباه وزارة التعليم بالمشاكل التي يعاني منها التلاميذ طوال مشوارهم الدراسي ؟

 

لقد آن الأوان لكي تتكتل هاته الجمعيات للضغط على الوزارة الوصية قصد ضمان حق أبنائنا في متابعة دراستهم التي تعرضت لأضرار مادية و معنوية تهدد مستواهم التعليمي الذي انخفض بشكل مخيف إلى درجة أن التلاميذ بدؤوا يتعايشون مع الكسل و هدر ساعاتهم الدراسية المشروعة . فأي مستقبل ينتظر أبناءنا و التنشئة المدرسية نجحت في أن تصنع تلاميذ يفرحون لإضراب أساتذتهم ؟

 

و بالنسبة للنقابات التي أصبحت طوائف متعددة فإننا نتساءل الم يحن الوقت للاحتجاج ضدها و ذلك لفضح تلاعباتها ضد من يفترض أنها تمثلهم و تدافع عن مصالحهم أمام تبعيتها لأجندة سياسية حزبية معينة ويفرض علينا فتح  نقاش حول العلاقة بين السياسي و النقابي و هل من حق النقابي أن يكون تابعا له و لو ضد مصلحة من يمثلهم ؟ لا احد ينكر ان فئات واسعة من نساء و رجال التعليم يعانون من حيف طال وضعياتهم الإدارية و المالية يعطيهم شرعية الإضراب ,لكن لا احد ينكر كذلك أن النقابات التي تمثلهم  تتحمل مسؤولية جسيمة في هاته الوضعية التي يؤدي التلاميذ ثمنها من حقهم المشروع في التعلم .

بالإضافة إلى ذلك فان هاته الوضعية تعتبر عاملا مشجعا للجوء بعض الأسر إلى التعليم الخصوصي  و ما يعنيه ذلك من تمييز ضد أبناء الفئات الشعبية التي لا تستطيع تغطية تكاليف التعليم الخصوصي .

 

 

Publié dans droits de l'homme

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article